مقالات

لبنان مش للبيع… والمقاومة ليست بندًا للتفاوض

حسين صدقة – مدير مركز صدى للإنتاج الإعلامي

لكن الحقيقة الثابتة التي لا تقبل المجاملة ولا المساومة، هي أن سلاح المقاومة لم يكن يومًا بندًا داخليًا خلافيًا، بل هو قرار وطني، وشراكة فعلية في حماية لبنان من الزوال. هو السلاح الذي حمله الرجال في الجنوب والبقاع والضاحية وكل نقطة مهددة، لا ليعتدوا، بل ليردعوا. لا ليغزوا، بل ليدافعوا عن بيت وعن شعب وعن هوية.

الذين يتحدثون عن “تهديد وجودي” للبنان لا يرون أصل التهديد الحقيقي: عدو يتربّص على حدوده، وطائرات تجوب سماءه بلا إذن، وملف نفط يسرق في وضح النهار، وقرار دولي لا يُحترم إلا حين يخدم مصالح الكبار. فهل سلاح المقاومة هو من أوصل لبنان إلى أزماته؟ أم أنه بقي وحيدًا في الميدان حين غابت الدولة وانشغل العالم في صفقاته؟

الحديث عن إعادة لبنان إلى “بلاد الشام” ليس مجرد تحليل، بل تهديد صارخ لهوية هذا البلد، ومحاولة مكشوفة لتذويب استقلاله ضمن مشاريع إقليمية لا تشبهه. لبنان ليس تابعًا، ولا هامشًا على دفتر خرائط جديدة. لبنان بلد السيادة، لا يُلحق بدولة، ولا يُضم إلى حلف، ولا يُقايض وجوده بمساعدات مشروطة.

من يريد مساعدة لبنان، فليبدأ باحترام شعبه، لا تخويفه. ومن يدّعي الحرص على استقراره، فليتوقف عن التعامل معه كأرض بلا كرامة، وكأن هويته قابلة للتبديل بمجرد تصريح أو زيارة دبلوماسية.

المقاومة في لبنان ليست وجهًا طائفيًا، بل مشروع وطني عابر للطوائف. ومن اختبر هذا البلد في الحرب، يعرف أن من دافع عنه فعل ذلك باسم الوطن، لا باسم طائفته. ومن حمل السلاح في وجه الاحتلال، لم ينتظر إذنًا ولا غطاءً سياسيًا، بل لبّى نداء الأرض.

من هنا، لا نقبل أن يُفتح ملف سلاح المقاومة تحت عنوان “حلّ الأزمة”، لأن هذه المقاومة ليست المشكلة، بل كانت دائمًا جزءًا من الحل. لا نريد وصاية جديدة بلباس دبلوماسي، ولا ضغوطًا مغلّفة بخطابات ناعمة.

لبنان ليس للبيع، والمقاومة ليست بندًا على طاولة المفاوضات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *