مقالات

الذين يدّعون الدين في الكذب: بين الزيف والحقيقة

بقلم فاطمه بشير اللبابيدي

في زمن كثُر فيه الضجيج وقلّ فيه الصدق، أصبح من المؤلم أن ترى من يتزيّا بزيّ الدين، ويتخذ منه ستارًا ليُخفي وراءه الكذب والخداع. هؤلاء لا يمثلون الدين، بل يستغلونه، ويتخذونه سلّما لمآرب شخصية أو منافع دنيوية، ويشوّهون صورته في عيون الناس، فيصدّون عن سبيل الله وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا.

الدين براء من الكذب

الإسلام دين صدق وعدل، قال النبي محمد ﷺ:

“إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار”.
فكيف يُعقل أن يكذب من يحمل راية الدين؟! كيف يتلبس بثوب الوعظ والإرشاد من هو غارق في الرياء والكذب والنفاق؟!

إن الكذب لا يُقبل من أي أحد، فكيف بمن يدّعي التحدث باسم الله أو يمثل صورة الإسلام في الناس؟ هذا أشد خطرًا، لأنه لا يكذب على الناس فقط، بل يشوه العقيدة ويؤذي الدين نفسه.

الزيف في هيئة الورع

ما أكثر أولئك الذين يحفظون الآيات والأحاديث عن ظهر قلب، ويزينون كلامهم بأجمل العبارات، ولكن سلوكهم يناقض ما يقولون. هؤلاء هم من حذرنا منهم النبي ﷺ حين قال:

“يخرج في آخر الزمان قومٌ يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية”.

هؤلاء ليسوا دعاة حق، بل تجار دين، يبيعون المبادئ في سبيل مكاسب سياسية أو مالية أو اجتماعية، يخلطون الحق بالباطل، ويستخدمون الدين كأداة للتضليل بدلًا من أن يكون طريقًا للهداية.

الصدق عنوان المؤمن

المؤمن الحقيقي لا يكذب، لا يُخادع، لا يُظهر ما لا يُبطن. الدين ليس مظاهر، ولا كلمات تُقال، بل أفعال تُرى. من يدّعي التدين يجب أن يكون أول من يتحلى بالصدق، وأبعد الناس عن النفاق والكذب، لأن الناس تراقبه، وتأخذ منه القدوة، فإن سقط في الكذب، سقطت هيبته، وسقطت معه الثقة في الدين لدى الكثيرين.

خاتمة

في زمن اختلطت فيه الأمور، يجب أن نميّز بين من يعيش الدين حقًا، ومن يدّعيه كذبًا. لا يُخدع المسلم بالمظاهر، بل عليه أن يُحكّم العقل، ويقيس الأمور بالحق لا بالأشخاص. الدين محفوظ من فوق، لكن صورته في الأرض تحتاج إلى صدق أهله، لا إلى كذب المتسلقين على أكتافه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *