مقالات

“زمن العار: حين يصبح الصحّ غلطًا والغلطُ هو الصحّ”

بقلم فاطمه بشير اللبابيدي

نعيش اليوم في زمن غريب، زمن مقلوب، زمن العار… حيث اختلطت المفاهيم، وتشوهت القيم، وتبدّلت الموازين. أصبح الصدق تهمة، والكذب حيلة ذكية، وأضحى الطُهر سذاجة، والقذارة ذكاءً اجتماعيًا. كأننا دخلنا عالمًا موازيًا لا يُعترف فيه بالنقاء، بل يُقمع، ولا يُحتفى فيه بالشرف، بل يُسخر منه.

في هذا الزمن، الصحّ هو الغلط، والغلط هو الصحّ. مَن يقول الحقيقة يُنبذ، ومَن يزيف الواقع يُصفَّق له. مَن يتمسك بالمبادئ يُعتبر متخلّفًا، ومَن يلهث وراء المصلحة يُكرَّم كأنه بطل. أصبح الضمير عبئًا، والفساد وسيلة للنجاة.

صرنا نعيش في زمن وسخ، ليس لأن التراب يغطي الأجساد، بل لأن النفوس تلوّثت، والأرواح تخلّت عن نورها. كثُرَ فيه المراؤون، واختفى الصادقون. امتلأت الشاشات بالأقنعة، وغابت الوجوه الحقيقية.

في زمن العار، العارف يُسكت، والجاهل يُصدَّر. العالم يُسخر منه، والمنافق يُحتفى به. والناس… بين من يعرف ويصمت، ومن لا يعرف ويتكلم، ومن يعرف ويكذب ليأخذ مكانًا لا يستحقه.

لكن، ورغم كل هذا الظلام، لا بد من شمعة تُشعل، لا بد من كلمة حق تُقال، لا بد من نفوس نقية لا تساوم على الحقيقة، ولا تخجل من نظافتها في زمن القذارة.

قد يكون هذا الزمن زمن العار،
لكننا لن نسمح له أن ينتزع منّا شرف الموقف، ونقاء الضمير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *