بعد أكثر من تسعة أشهر على سريان “وقف إطلاق النار” الذي يخرقه العدو الصهيوني بالمجازر والقتل اليومي بحق المدنيين والاطفال وآخرهم المجزرة المروعة بحق عائلة بكاملها في بنت جبيل امس الاول، ما زال آلاف المهجّرين من القرى الجنوبية الحدودية عالقين في حالة من اللاعودة الكاملة. المعاناة لم تتوقف والمنازل مهدّمة، والبنى التحتية منهارة، لا ماء ولا كهرباء ولا مدارس حتى الركام لا يزال جاثماً على الارض وشاهداً على الإجرام والإبادة التي مارسها العدو طيلة عامين.
وفي حولا احدى قرى الشريط الحدودي المحرر في العام 2000، ما يقارب الـ500 شخص اي 100 عائلة يعيشون في القرية اليوم، وهي التي كان يبلغ عدد سكانها قبل العدوان 15 الفاً نصفهم كانوا يعيشون فيها صيفاً شتاء ونصفهم في بيروت وعدد لا يستهان به في بلاد الاغتراب الواسعة.
ويكشف طارق مزرعاني احد ابناء البلدة والناشط اليوم لإعادة سكانها وسكان 45 قرية اخرى الى قراهم، ان المعاناة في حولا كبيرة واسوة بالقرى الحدودية الاخرى.
ويشير مزرعاني وهو المنسق العام لتجمع ابناء القرى الحدودية لـ”الديار”، الى ان التجمع تأسس منذ اشهر ويضم ممثلين عن 45 قرية حدودية، وينشط فيه ما يقارب الـ300 سخص حالياً الى ان الهدف من تأسيسه هو المطالبة بتحقيق العودة الكاملة واعادة الإعمر وإغاثة الناس.
ويقول مزرعاني وهو ايضاً مهندس العمارة وناشط في الشأن العام ويتمتع بخبرة عملية وميدانية في مجال مسح الأضرار منذ حرب تموز، ويملك رصيداً كبيراً من العلاقات مع عائلات المنطقة: “من البداية قلنا إننا نريد أن نسلك طريقاً إيجابياً.
بدأنا زيارات للجهات المعنية مثل مجلس الجنوب وجهاد البناء، كما سنطرح اقتراحات عملية وقانونية ومن خلال مجلس النواب. وبالتوازي نريد أن نضغط شعبياً وإعلامياً ولكن بشكل متصاعد ومدروس”.
ويؤكد ان أول مطالب التجمع هو إعلان المنطقة الجنوبية الحدودية منطقة منكوبة أمر بديهي كان يُفترض أن يحصل منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار والعودة التي لم تكتمل.
بعد ذلك تأتي سلسلة مطالب، منها ما هو وطني سيادي كإعادة الأمن والاستقرار وانسحاب العدو وضمان العودة الآمنة للأهالي، ومنها ما يتعلق بمقوّمات العودة وسبل العيش كالبدء بدفع التعويضات للمتضررين، واستكمال إزالة الأنقاض وإعادة بناء البنى التحتية والمباني والمرافق العامة.
ويلفت مزرعاني الى ان هناك حيا في البلدة وقريبا من شقرا فيه كهرباء دولة، اما المياه فمقطوعة ومن يعيش في البلدة يتكل على صهاريج المياه وشرائها لسد حاجته.
والمعاناة في حولا تجد صداها في القرى الاخرى، فالحياة في كفركلا خجولة والبلدة المدمرة بنسبة كبيرة تتجاوز الـ60 في المئة لم يبق فيها حالياً إلا 6 عائلات تقيم بشكل دائم.
وفي حين تنعدم الحياة في بلدة مثل عيتا الشعب ومارون الراس والضهيرة ومروحين وام التوت، تبدو الحياة افضل في عيترون، بينما يعيش ما يقارب الـ5 الاف نسمة في ميس الجبل وهي البلدة الكبيرة والمترامية الاطراف وكانت تضم حوالي 30 الف نسمة قبل عدوان 8 تشرين الاول 2023.
وتشير سيدة من عيتا الشعب وتدعى ام علي لـ”الديار”، الى ان الحياة صعبة في عيتا الشعب. والعودة اليها والسكن فيها شبه مستحيلة في ظل الدمار الكبير واستمرار الاعتداءات.
وتقول ان منزلها ولو لم يتدمر، الا انه محروق بالكامل ولا ابواب ولا اثاث ولا يصلح للسكن وبالتالي رجعنا الى النزوح في بيروت.
بدوره يكشف احد المسؤولين في بلدية حدودية لـ”الديار”، ان الخطر الأمني هو الابرز فرغم “الهدنة” المزعومة الا ان العدو مستمر في اجرامه وقتله، ولا تزال مناطق حدودية عدة محظورة بفعل مخلفات الحرب والتهديدات اليومية والقنص والقصف والمسيرات والقنابل الصوتية والمضيئة.
انمائياً يلفت الى ان الخدمات العامة معدومة فلا كهرباء منتظمة، لا مياه، لا شبكات اتصالات فعّالة.
اما المساعدات، فهي غير كافية ومعظم العائلات تعتمد على دعم جزئي من خلال تحويلات ابنائها واقاربها المغتربين ودعم من جمعيات انسانية محلية والهيئة الصحية، وهيئة الدعم التابعة لحزب الله.