روداكوف: لولا انتصار الاتحاد السوفياتي على الفاشيين لأصبح من اعتبروا أنفسهم حلفاء لهتلر من ضحاياه عاجلا أم آجلا
قال السفير الروسي الكسندر روداكوف في بيان، بذكرى “انتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية”: “نحتفل هذا الشهر بذكرى لا تنسى، ألا وهي الذكرى الثمانين للنصر العظيم. ففي التاسع من أيار 1945، هزم الاتحاد السوفياتي ألمانيا النازية، وحرر أوروبا من النازيين، وأنقذ بقية العالم من العبودية والموت. هذا اليوم، يوم النصر، أصبح حدثا مقدسا جسد شجاعة الشعب الروسي وصموده وتفانيه”.
اضاف: “لم تشهد أي دولة أخرى حربا قاسية ودموية كحربنا. استمرت هذه الحرب 1418 يوما وليلة مليئة بالألم والأمل والإيمان. خلال فترة العمليات العسكرية بأكملها، قاتل في الساحات 34.5 مليون جندي سوفياتي. وتم استدعاء 490 ألف امرأة للخدمة العسكرية في الجيش والبحرية”.
وتابع: “خلال هذه الحرب، خسر الاتحاد السوفياتي 26.6 مليون شهيد. وبلغ عدد الضحايا المدنيين 13.7 مليون شخص. من بين هؤلاء، أبيد 7.4 مليون شخص عمدا على يد النازيين، بمن فيهم 221 ألف طفل. مات 4.1 مليون شخص من الجوع والمرض في أراضينا المحتلة. وتوفي 2.2 مليون مواطن سوفياتي في العمل الإجباري في ألمانيا. وفي المجمل، استعبد ما يصل إلى 5 ملايين شخص، وكان عدد كبير منهم من النساء والأطفال. بلغت خسائر الجيش الأحمر التي لا تعوض 11.9 مليون جندي، منهم 8.7 مليون إستشهدوا. وأصيب أكثر من 3 ملايين جندي بجروح خطيرة وإعاقات. وتعرض 3 ملايين أسير حرب سوفياتي للتعذيب في معسكرات الموت في ألمانيا النازية. وسجل ملايين الأشخاص – عسكريين ومدنيين – في عداد المفقودين”.
واردف: “استمر الحصار الوحشي للينينغراد 872 يوما. وخلال هذه الفترة، مات ما يصل إلى 1.5 مليون شخص من الجوع والبرد والمرض والقصف. عدد ضحايا الحصار تجاوز عدد خسائر الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى مجتمعتين خلال سنوات الحرب العالمية الثانية. في الوقت نفسه، لم تكن لدى النازيين أي حاجة استراتيجية لحصار لينينغراد. والمعلومات الموثقة أظهرت الحجم المروع لمأساة الشعب السوفياتي. فقد تجاوز عدد القتلى السوفيات، سكان معظم الدول الحديثة، بل وفاقهم بأضعاف مضاعفة. إن أعمال ألمانيا النازية الإجرامية هي إبادة جماعية للشعب السوفياتي، وهي أبشع جريمة ضد الإنسانية في تاريخ العالم”.
وقال روداكوف: “من المدهش أنه بعد كل فظائع الألمان، لم ينتقم الشعب السوفياتي. فرغم أن لجنود الجيش الأحمر كل الحق الأخلاقي في الإنتقام لما فعله الفاشيون بأطفالنا، إلا أنهم أثبتوا أنهم أكثر إنسانية بكثير من سكان أوروبا “المستنيرة”. إن الجيل الروسي الحديث ينحني أمام إرادة أسلافه الصلبة، الذين استجمعوا قواهم للبقاء بشرا، رغم كل ما تحملوه ورأوه وخسروه في تلك الحرب”.
اضاف: “إذا ما تحدثنا عن الأضرار المادية التي لحقت بالاتحاد السوفياتي، فإنها تقدر ب 5 تريليونات دولار أمريكي بسعر الصرف الحالي. دمرت 1710 مدينة وبلدة، وأكثر من 70 ألف قرية، وما مجموعه 6 ملايين منزل وشقة، و32 ألف مؤسسة صناعية، ونهبت 100 ألف مزرعة جماعية. كما عطل أكثر من 65 ألف كيلومتر من السكك الحديدية”.
وتابع: “رغم كل شيء، صمد الشعب السوفياتي وانتصر. كذلك حققنا النصر للدول والشعوب الأخرى التي استولت النازية عليها. وإذا أخذنا في الاعتبار خطط هتلر لاستعباد العالم بأسره، فيمكننا القول بثقة تامة إن الاتحاد السوفياتي أنقذ البشرية في الحرب العالمية الثانية”.
وقال: “شارك حوالي 9 ملايين جندي من الجيش الأحمر في تحرير أوروبا. دفعت روسيا الثمن التالي لحرية تلك الدول: من أجل تحرير بولندا، استشهد 600212 مواطنا سوفييتيا، وتشيكوسلوفاكيا – 139918 شخصا، والمجر – 140004 أشخاص، وألمانيا – 101961 شخصا، ورومانيا – 68993 شخصا، والنمسا – 26006 أشخاص. في المجمل، أكثر من مليون جندي. وكلمة حق تقال انه كان لدينا حلفاء. لكن لا يمكن المبالغة في دورهم. لم يكن دورهم عاملا حاسما في النصر. حاربنا نحن، وقاتلنا نحن. والمنتصر هو من يهاجم، وليس من يصنع الطعام المعلب”.
اضاف: “لم يشارك الحلفاء بشكل مباشر في العمليات العسكرية إلا بعد أن أصبح انتصارنا جليا واضحا للجميع. وكانت المساعدة التي قدمها الأمريكيون في المقام الأول تجارة لهم، ودينا علينا. فقد تلقى الأمريكيون مدفوعات مقابل إمداداتهم بموجب نظام الإعارة والتأجير، حيث سدد الاتحاد السوفياتي تلك المدفوعات، ثم روسيا فيما بعد، لمدة 61 عاما، وبالذهب أحيانا. مع العلم، أن الشعب السوفياتي سدد جميع ديون الحرب بالدم”.
وتابع: “مع عودته تدريجيا إلى الحياة السلمية وتسوية الحسابات مع حلفائه المغامرين، وجد الاتحاد السوفياتي القوة للمساعدة في إعادة إعمار عدد من الدول في أوروبا الشرقية والوسطى وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. حيث تم تزويدها بالمواد الخام والوقود، ونقل التكنولوجيا والمعدات، وقدمت لها المساعدة في تدريب الكوادر، وتم إنشاء مرافق بنية تحتية ضخمة هناك، وشيد المساكن”.
واردف: “الآن في الغرب، وبدم بارد، يعيدون كتابة التاريخ ويحاولون دفن كل هذه التضحيات في طيات النسيان، لتبرير النازية الأوروبية الحديثة لمصالح جيوسياسية. ومع ذلك، من الضروري هنا التذكير بخطر التلاعب بالأفكار النازية. فلولا انتصار الاتحاد السوفياتي على الفاشيين، لكان حتى أولئك الذين اعتبروا أنفسهم حلفاء لهتلر، قد أصبحوا من ضحاياه عاجلا أم آجلا. لذا، يعد الحفاظ على حقيقة الحرب الوطنية العظمى اليوم، أكثر قضايا السياسة الدولية إلحاحا”.
وختم: “بالنسبة للجيل الروسي الحديث، فإن ذكرى النصر العظيم ليست مجرد إنجاز مقدس لأسلافنا، بل هي واجبنا تجاههم أيضا. ومن واجبنا أيضا منع تزوير ما جرى قبل 80 عاما، ومنع إعادة تأهيل النازية، حتى لا تتكرر أحلك صفحات التاريخ. وتنفيذ هذه المهام والواجبات يرتبط أيضا بالعملية الروسية في أوكرانيا، حيث يعد تحرير البلاد من النظام النازي غير الشرعي وكاره البشر، أحد الأهداف الرئيسية. إننا نكرر ذلك من أجل البشرية جمعاء”.